أعرف المُهندس علي أكد قبل عشرة أعوام، شاب مناضل وصادق، قضيته الأساسية شرق السودان، لايُمكن تجاوز ما قدمه من أجل مبادئ نذر جهده ووقته للدفاع عنها، له مكانة كبيرة من إلاحترام عندي، ورغم ذلك أبدو علي قناعة تامة أنه أخطأ في حق رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول “عبدالفتاح البرهان”.. خطأ أتمنى تداركه بتكوين لجنة رفيعة المستوي تسعي للخير بأن يعتذر المهندس أكد لرئيس مجلس السيادة،والإعتذار شيمة الشجعان.
الدكتور علي جعفر الشهير بعلي بابا..رغم خلافي العلني معه حول طريقة تعاطيه الاعلامي للقضايا، إلا أنني لم أحمل في قلبي شئ تجاهه لأن النقاش كان في الإطار العام، كما أنه تعامل في كتاباته ضدي باخلاق الرجال ولم يجنح نحو إساءة او غيرها، بمعني ان كل واحدٍ منّا أدار الخلاف بوعي بعيداً عن الانزلاق في مستنقع الشخصنة والعداء، والغريب أكثر إنني لم اتشرف بلقاءه ومعرفته رغم وجودي في كسلا لمدة عامين،ولكن حتي ولو اختلفت معه يظلْ قلم مؤثر ومصادم.
إليها الإثنين كان يدفعني احساس بالواجب لزيارتهما، لأن الإنسان في مثل هده اللحظات التي يعيشانها يكون في أمسّ الحوجة للآخرين الذين يستمد منهم الطاقة الإيجابية ليتجاوز ماهو فيه من أقدار.
ذهبنا والزميل أبوبكر سيدنا إليهما حيث يقبعان، كنت أنتظر ظهورهما بمشاعر مختلطة بين الارتياح بأداء واجب اجتماعي حتمي في هكذا ظروف، وأمل بأن يتجاوزا محنتيهما ليعودا الي حياتهما الطبيعية، عندما ظهرا كانت السعادة تمشي علي أربعة أرجل بين أربعتنا.
تبادلنا التحايا من وراء حجاب لم يحجب رؤيتنا ولا مشاعر الإخاء التي انداحت لحظتها حيث نقف وبيننا فاصل لم يفصل علاقة إحترام صادقة ظلّلت المكان، بدأت السعادة بادية علي ملامحيهما، لذا وجدنا منهما استقبالا حارا، تبادلنا سريعا التعليقات والقفشات والحكاوي اللطيفة، أكثر ما اعجبني مدي الألفة بينهما، هذا يعني مقدرتنا علي الفصل بين الأشياء حتي لو تباينت الرؤي بيننا.
المُهندس علي اكد كعادته كان صاخبا وضاحكا، اما علي بابا فقد كان مبتسما وهادئا، والله لحظتها شعرت بسعادة غامرة بان سجلنا إليهما زيارة إجتماعية، كأنما انزاح جبلا عن كاهلي لأن الأمر كان واجباَ اخلاقيا، وإن تجبر بخاطر إنسان وتدخل السعادة في نفسه، فإن هذه أخلاق دين سمح إسمه الإسلام يدعو لمكارم الاخلاق.
رغم قصر الزيارة لم ينسي الدكتور علي بابا أن يحملنا مسؤولية إيصال رسالة للخيرين مفادها أنه يوجد وراء الأسوار اصحاب مديونيات مالية قليلة يمكن سدادها لينعموا بالحرية، وطلب منا أخبار الزميلة إنتصار تقلاوي لتقود مبادرة لاطلاق سراح سجينات علم أنهنّ عليهن غرامات وديون أيضا قليلة.
بكل صدق أكبرت فيه هذه الروح الإنسانية فقد تجاوز نفسه وذهب تركيزه نحو من يعتقد أنهم أحق بالوقوف بجانبهم، وهذا فعل نُبلاء.
أما صديقي المُهندس علي اكد فقد كان في وضع نفسي جيد ومازال يحتفظ بذات روح الدُعابة، وتجري علي لسانه أماني بأن يظل الشرق موحدا ومستقرا.
رغم إننا لم نقضي معهما غير ربع ساعة لانتهاء وقت الزيارة لاننا تأخرنا في الحضور، إلا أنها كانت لحظات تضج بالمشاعر الإنسانية النبيلة، تركناهما خلفنا ولم نجد غير ان ندعو الله بتفريج كربتيهما.
لكليهما أقول ..نحسب أن الله أراد ان تواجها هذه التجربة لحكمة يعلمها، وأكيد كل أمر المؤمن خير، ووصيتي لكما الصبر، وبعد الخروج بإذن الله تعالى عدم إطلاق عنان اللسان عند علي اكد، وانتهاج المهنية عند علي بابا.
وما اتمناه مبادرة تطوي ملف علي اكد بالاعتذار، وبان يخرج علي بابا قبل إكمال المدة، ما قدماه للمجتمع يشفع لهما حتي ولو اختلفنا معهما في التوجهات.