كسلا:سيف الدين آدم هارون
تشهد أطراف مدينة كسلا انتشارًا مقلقًا لكمائن الطوب العشوائية، ما تسبب في تفاقم جرائم التلوث البيئي، خاصة في مناطق مشاريع ودشريفي، جمام، ودبل أويد، خور الشايفية، السواقي الجنوبية والشمالية، دار غياي، ومحيط مصنع البصل.٪ ورغم صدور قرار من لجنة مخالفات الكمائن التابعة لإدارة البساتين بوزارة الزراعة، يقضي بإلغاء الكمائن في الأراضي البستانية، إلا أن المهددات البيئية لا تزال قائمة.
القرار شدد على معاقبة كل من ينشئ كمينة في أرضه أو أرض مستأجرة، واكدت اللجنة انها ستواصل زياراتها لرصد المخالفات،لكن الواقع يكشف عن تحديات أكبر، حيث تجاهل عدد من ملاك المشاريع البستانية هذه القرارات، وقاموا بتحويل الأراضي الزراعية إلى مواقع لصناعة الطوب، غير آبهين بالأضرار الصحية والبيئية.
شعبة الكمائن تدق ناقوس الخطر
في هذا السياق، حذرت شعبة الكمائن بكسلا من تفاقم الأوضاع البيئية، مشيرة إلى أن الكمائن العشوائية أضرت بعمل الكمائن المسجلة، وأحدثت حالة من الفوضى. وكشف الأمين العام للشعبة، صلاح آدم موسى، أن عدد الكمائن المسجلة لا يتجاوز 20 كمينة تقع في منطقة تكروف شرق، بينما تجاوز عدد الكمائن العشوائية أكثر من 100، تسببت في كوارث بيئية وأضرار صحية جسيمة.
وأوضح موسى أن الشعبة تلتزم بدفع الرسوم للدولة، وتشارك في البرامج المجتمعية، ودعم التعليم والمجهود الحربي، وتحافظ على حقوق وسلامة المواطنين. لكنه عبّر عن استغرابه من قيام وزارة الزراعة بتأجير أرض مصنع البصل لتجار أنشأوا كمائن في غياب الرقابة، ما أدى إلى انبعاث سحب دخانية كثيفة تغطي المناطق السكنية المجاورة.
وطالب موسى بإلغاء أي تصاديق صادرة من إدارة المحاجر في الأراضي الزراعية، ومنع التصديق في منطقة ربكاسا التابعة لمشروع القاش، داعيًا إلى تفعيل القوانين الرادعة لحسم هذه التجاوزات، وناشد والي كسلا ووزير الزراعة وإدارة البساتين بالتدخل العاجل.
إدارة المحاجر: الأزمة تحتاج لتنسيق
من جانبه، أقر مدير إدارة المحاجر بالولاية، المهندس عوض الكريم خالد محي الدين ، بصحة بعض المعلومات المتداولة حول انتشار الكمائن، مؤكدًا أن الإدارة تمتلك مواقع مرخصة في تكروف، أبو علقة، أدم بشارة، وود شريفي. وأشار إلى أن التوسع العمراني يتطلب زيادة الكمائن، وأن التصاديق الجديدة تُمنح وفقًا للإجراءات القانونية.
وأوضح عوض أن إدارة المحاجر ليست مسؤولة عن الكمائن داخل الأراضي الزراعية، وأن الأزمة تتطلب تنسيقًا بين الجهات المعنية، خاصة إدارة البساتين. وأضاف أن الإدارة وفرت عربة لتحريك اللجنة المختصة، والتي رصدت 20 مخالفة تم تقديمها للجهات القانونية.
كما كشف عن وجود 46 موقعًا مصدقًا موزعة على أربع مناطق بكسلا، و74 موقعًا مقترحًا بمنطقة ربكاسا، في انتظار موافقة إدارة مشروع القاش.
دراسة علمية تكشف حجم الكارثة
وفي تطور خطير، كشفت دراسة علمية عن مستويات مرتفعة من ملوثات الهواء في مناطق الكمائن بمحليتي كسلا وريفي كسلا، تشمل أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد النيتروجين، ثاني أكسيد الكبريت، الميثان، الأمونيا، والديوكسين، وهي مواد تتجاوز الحدود المسموح بها.
وأوضحت الدراسة أن هذه الملوثات تسببت في انتشار أمراض الجهاز التنفسي العلوي والسفلي، بالإضافة إلى أمراض أخرى مثل الحمى المالطية الناتجة عن وجود كميات كبيرة من روث البهائم. وأوصت الدراسة بضرورة تفعيل القانون البيئي، وضبط الأنشطة التي تزيد من تلوث الهواء قرب المناطق السكنية.
ختامًا.. يبدو أن أزمة الكمائن العشوائية في كسلا تتطلب تحركًا عاجلًا من الجهات المختصة، وتنسيقًا فعالًا بين الإدارات المعنية، لحماية البيئة وصحة الإنسان، والحفاظ على الأراضي الزراعية من التدمير الممنهج.