رصد:ضحي عادل
في صباحٍ مشمسٍ من أيام أكتوبر، تنفست مدينة ود مدني نسيم الحياة من جديد، وكأنها تهمس لكل من يمر بلافتتها عند المدخل: “ابتسم، فأنت في مدني”، لم تكن تلك العبارة مجرد دعوة عابرة، بل وعدٌ صادق بأن المدينة، رغم ما مرّت به من أوجاع الحرب، الحمى والملاريا، ما زالت تحتفظ بروحها العنيدة التي لا تعرف الانكسار.

في قلب المدينة، كان سوق “الملجة” يعجّ بالحركة، ألوان الخضروات تتراقص تحت أشعة الشمس، من الطماطم الحمراء كالياقوت، إلى البامية الخضراء التي تشبه سنابل الأمل، الباعة ينادون، والزبائن يتجولون، والضحكات تتبادل بين الوجوه، وكأن السوق صار مسرحًا لعودة الحياة.

كل من يتجول في السوق لا يسعه إلا أن يندهش من وفرة الخيرات، وكأن الأرض في الجزيرة قررت أن تعانق أهلها وتمنحهم ما يكفيهم ويزيد، هنا، لا تُباع الخضروات فقط، بل تُروى حكايات الصبر، وتُعرض إرادة الناس في تحدي المرض والضيق، والتمسك بالحياة.

في الأحياء، يعود الأطفال للعب، وتفتح المحال أبوابها، وتُسمع أصوات المآذن ، مدني لا تستسلم، لأنها ببساطة مدينة ذات شخصية قوية، تعرف كيف تنهض، وكيف تزرع الفرح حتى في أرضٍ مرّت عليها العواصف.
هكذا، تكتب ود مدني فصلًا جديدًا من حكايتها، فصلًا عنوانه: “نحن هنا، نبتسم، ونعيش، وننتصر”.