في موسم 2006، لم أتردد في قبول عرض نادي الشاطئ أربجي لارتداء شعاره والدفاع عن ألوان الأخضر والأبيض في دوري الدرجة الأولى بالحصاحيصا. لم يكن الدافع مادياً، ففي ذلك الوقت لم يكن المال محركاً لاتخاذ القرارات، بل كانت إستجابة لنبض قلبٍ يهيم عشقاً بأربجي، المدينة الأنيقة، المثقف شعبها، التي تمزج بين الأصالة والحداثة.
وافقت دون إبطاء على طلب الأخوين العزيزين سراج وطه هاشم، إذ كان ثمة دين في عنقي تجاه أهلي هناك، فقد استضافني أبناء أربجي في داخليتهم العامرة بحي الموردة بأم درمان طوال فترة دراستي الجامعية،ومن تلك اللحظة، نشأت علاقة وجدانية مع أهل هذه المنطقة الباذخة، علاقة منسوجة بخيوط الألفة والمحبة.
قضيت معهم موسماً لا يُنسى، كان دوري الدرجة الأولى بالحصاحيصا حينها لا يعترف إلا بالعطاء والبذل،كانت المستويات متقاربة، والانتصار لا يتحقق إلا بالجهد والتضحية، لا أنسى انتصارنا الغالي على الند التقليدي، فريق المشعل الأنيق، في مباراة ملحمية تسيدنا فيها الملعب طولاً وعرضاً، وكان أبطالها نجوم الشاطئ.
ومن الطرائف في تلك المباراة أن جمهور الشاطئ اقتحم الملعب بعد الهدف الثاني احتفالاً، فطلب مني الزملاء، وعلى رأسهم المدافع الصلب حافظ معتصم، الحديث مع الجمهور لإخراجه من الملعب، بحكم الاحترام المتبادل وخبرتي في الملاعب،ففعلت، وكنت سعيداً بعشق الأنصار للأخضر.
ذلك كان في الماضي، لكنه لا يزال حياً في الذاكرة، أما في الحاضر، فقد أسعدني الجيل الحالي من لاعبي الفريق الذين حافظوا على ذات الإرث البطولي الذي رأيناه في جيل علي جلي، والفنان أحمد هاشم، وسراج وطه، لقد كان ذلك الإرث هو المحرك الأساسي لجيل اليوم الشاب، الذي حقق إنجازاً كبيراً بانتزاع لقب كأس السودان باتحاد الحصاحيصا عن جدارة، ليؤكد أن الأخضر يسر الناظرين دوماً، وأنه زهرة تزداد نضار في كل المواسم.
تهانينا الحارة لأسرة الشاطئ على هذا الإنجاز، ويظل شاطئنا “أرجنتينا” غنوةً حلوةً تنبع من القلب، تتردد على الشفاه، وتُترجم على أرض الواقع.
الشاطئ عشق وولاء… الشاطئ علاقة وجدانية لا تضعفها الأيام.