إن خروج حزب سياسي لانتقاد أداء مسؤول حكومي يُعدّ مؤشراً على العافية والحيوية المطلوبة في المشهد العام، وحراكاً بالغ الأهمية، باعتبار أن هذا هو الدور الطبيعي لمنظمات المجتمع المدني التي تراقب الأداء الحكومي وتسلط الضوء على مكامن الخلل بهدف المعالجة والتقويم.
وعندما يعود حزب عريق ومؤثر مثل مؤتمر البجا إلى ممارسة دوره السياسي، فإن ذلك يشكل إضافة نوعية للمشهد السياسي على المستويات القومية والإقليمية والولائية. وقد تجلى هذا الحضور خلال الاحتفال الذي نظمه الحزب مؤخراً في كسلا، حيث اتضح أن له وللتحالف الذي انضم إليه قاعدة جماهيرية واسعة، كما أن الخطابات التي أُلقيت لامست جوهر القضايا التي تهم المواطن والبلاد.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده الحزب أمس بمدينة كسلا، وسط حضور إعلامي كبير، واصل مؤتمر البجا بقيادة الزعيم موسى محمد أحمد إيصال صوته إلى الجهات المسؤولة على المستويين الولائي والاتحادي، متناولاً عدداً من القضايا التي تندرج ضمن اهتماماته.
فحين يتحدث قيادي سياسي وقانوني مثل أحمد أونور عن أزمة الأجور وملف الأراضي بشفافية، فإنه بذلك يعبّر عن شريحة واسعة من المواطنين، خاصة العاملين الذين ما زالوا يرزحون تحت وطأة المعاناة،
كما أن حديث القيادي أحمد بيتاي عن تجاهل حكومة الولاية لبعض المناطق، يُعدّ تنبيهاً مهماً بضرورة توسيع دائرة الاهتمام لتشمل الأطراف، لا أن تقتصر على حاضرة الولاية التي نالت النصيب الأكبر من مشاريع البنية التحتية، لا سيما في مجالي الطرق والمياه.
وتناول الزعيم موسى محمد أحمد المعوقات التي كادت أن تعرقل الاحتفال، يُعدّ نموذجاً للشفافية في تمليك المعلومات للرأي العام، بعيداً عن الشائعات، وقد عالج هذه الجزئية بحكمته المعهودة، وهو ذات النهج الذي اتبعه المهندس جعفر محمد آدم.
لا جدال في مواقف حزب مؤتمر البجا الداعمة للجيش ووحدة البلاد، فحزب بهذا الوزن يسهم في تعزيز الالتفاف حول القضايا الوطنية، خاصة تلك المتعلقة بشرق السودان.
الانتقادات التي وجهها الحزب لحكومة الولاية تندرج ضمن إطار المعارضة الراشدة التي تهدف إلى تصويب الأداء، وهي ليست خصماً للوالي الأزرق ، بل تعكس ممارسة طبيعية لدور سياسي مسؤول. ومن هنا، فإن المطلوب من الوالي أن ينظر إلى هذه الانتقادات بعين الاعتبار، وأن يستفيد منها في تحسين الأداء ومعالجة أوجه القصور.
نتمنى أن يواصل حزب مؤتمر البجا نشاطه السياسي والجماهيري في شرق السودان عامة، وكسلا خاصة، لما له من أثر إيجابي في إثراء المشهد السياسي وتعزيز المشاركة المجتمعية.