الأمل نيوز
الأمل نيوز

ضحى عادل تكتب : رحلتي من كسلا الي أم درمان “2”

 

بعد دخول البص السياحي الذي يقلّنا محلية أم القري هبّت رياح جزيرة الخير التي نستطيع تمييّزها لأنها مزيج بين الماء والأرض والناس،بين الطيبة والبساطة، ومن نشأ في هذه البقعة المعطاء من أرض الوطن يعتز بالانتماء إليها ويعرفها جيدا.

 

حينما اقتربنا من حنتوب تردد داخلي صدي صوت الفنان الخير عثمان وهو يترنم باحساس مرهف بأغنية “حنتوب الجميلة” ، بمنظرها البديع وروعته، وكيف أن من يزرها يتذكر تأثيرها علي التعليم بالبلاد، وبدأت لنا قبل عبور الكبري وقد عاد إيقاع الحياة كما كان، حيث ينتشر الناس والعربات والمحال التجارية علي طرفي الطريق القومي.

 

عبرنا الكبري الي ودمدني التي اعياها النضال طوال عام وجسدها يرفض التعايش مع المليشيا لأنها أرض محنة وفن وجمال وليس موت ودمار، وودمدني التي تغني لها الفنان الراحل محمد الأمين فإنها عند أهلها دائما محل اشتياق:”وروحي ليه مشتهية ود مدني”.

 

واذا لم تسمح الأقدار للموسيقار برؤيتها عقب اندلاع الحرب ووفاته في امريكا، فإنه قد سمح لنا الحظ برؤيتها للمرة الثالثة بعد التحرير وقد اسعدنا “ليت حظي يسمح ويسعدني طوفة فد يوم في ربوع مدني”.

 

ولأن مدني تعشق الحياة فانها وكما بدأت لنا تقاوم ببسالة للتعافي من فترة الحرب، والحياة فيها قد عادت تنبض َوتمضي في تصاعد، وقياسا علي التحديات فإن وصولها الي هذا المرحلة يعتبر أمر جيدا ونتوقع ان تنهض أكثر.

 

تركنا ودمدني خلفنا وتوجهنا شمالا من فداسي الي الحصاحيصا ثم الكاملين وصولا الي بتري، تبدو المشاهد متشابهة فقد عادت الحياة في القري والمدن التي تقع علي طرفي الطريق، حتي ملاعب كرة القدم استردت عافيتها ونشاطها الدفاق، كما عادت الجلسات الجزيراوية المألوفة علي “ضُل” العصاري، مشاهد ممزوجة بخريف بدأ فعليا في وضع بصمته علي الأرض التي اكتست بالسندس الأخضر وودّعت القفر اليباب.

 

والشمس تلوح بالوداع والي ان حلّ الظلام واصل البص رحلته المرهقة بالجزيرة التي يبدو أن عدد من مناطقها ماتزال تفتقد للكهرباء فقد خيّم عليها الظلام وحال بيننا ورصد حراك الناس..

 

واخيرا اقتربنا من سوبا وهذا يعني أن الرحلة في خواتيمها.

 

نواصل

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.