ربما يستند البعض إلى أن المرحلة التي أعقبت إنهاء حكم نظام الإنقاذ شهدت اضطرابًا سياسيًا، أعقبه اندلاع الحرب، مما ضيّق مساحات العمل السياسي بفعل الظروف التي تواجهها البلاد.
نعم، هذه حقائق لا يمكن تجاهلها أو التغاضي عنها، ويجب أخذها في الاعتبار عند إجراء تقييم موضوعي. ولكن، في المقابل، لا يمكن التسليم بها تمامًا، فقد كانت هناك مساحة للحركة، وإن كانت محدودة.
وحزب كبير وعريق مثل مؤتمر البجا لا يفترض أن يكون كغيره من القوى السياسية التي غشاها الجمود وابتعدت عن العمل الجماهيري، فهو حزب له وجود حقيقي على الأرض، وجماهير مؤمنة بمبادئه التي ظل يحافظ عليها طوال سبعة عقود.
ومؤتمر البجا ليس مجرد حزب سياسي، بل هو كيان يحمل أهدافًا متعددة تصب جميعها في قناة رفع الوعي، الذي يُعد أساسًا في نهضة الشعوب وارتقاء المجتمعات، والمرحلة المتقدمة التي وصل إليها شرق السودان لم تكن لتتحقق لولا جهود هذا الحزب المؤثر، الممتدة منذ خمسينيات القرن الماضي.
لذلك، فإن عودته مجددًا للعمل الجماهيري في خواتيم هذا الشهر تُعد قرارًا سليمًا ، من أجل التواصل مع القواعد وتجديد العهد معها، بأن الحزب ماضٍ في طريقه الذي رسمه مناضلون كُثر بعرقهم وجهدهم ودمائهم.
ولا زلت أذكر كيف كان الحزب حيويًا وفاعلًا في المؤتمر العام الثالث، الذي تجولنا خلاله مع رئيسه القائد “موسى محمد أحمد” في أربع ولايات، وقفنا خلالها على مدى جماهيرية الحزب والمكانة التي وصل إليها.
ويستشرف مؤتمر البجا عهدًا جديدًا، وهو يسعى لاستعادة حراكه الجماهيري الذي كان وسيظل منهجه الرئيس في رفع الوعي، وصناعة المزيد من الالتفاف حول قضايا البلاد عامة، وشرق السودان خاصة.
