كسلا:سيف الدين آدم هارون
في صباح مشمس من أيام أكتوبر، كانت مدينة كسلا على موعد مع التاريخ اليوم الخميس بميدان الجمهورية الذي لم يكن مجرد ساحة، بل صار مسرحًا مفتوحًا لملحمة وطنية، حيث احتشد الآلاف من أبناء الشرق، من كل مكونات السودان الإجتماعية ، في الذكرى السابعة والستين لتأسيس مؤتمرهم، والذكرى التاسعة عشرة لتوقيع اتفاقية سلام الشرق.
كان المشهد مهيبًا،الأرض تهتز تحت وقع خطوات أنصار الحزب العريق، الذين جاءوا من الولايات الست، يحملون راياتهم، وتاريخهم، أحلامهم، يتقدمهم القائد موسى محمد أحمد، شامخًا كجبل توتيل، تحيط به قيادات بارزة بالشرق أبرزهم محمد طاهر سليمان بيتاي وإبراهيم عبد الله دنيا، وكل منهم يحمل في عينيه قصة نضال، وفي قلبه وعدًا بالوفاء.
وبين الهتافات والزغاريد، صدحت أصوات مطربي البجا بأغاني حماسية، تلهب الحضور وتعيد إلى الأذهان أيام الكفاح، حين كان الصوت سلاحًا، والكلمة وعدًا، واللحن راية لا تنكسر.
كان أبناء البني عامر، والنوبة،الهدندوة، والهوسا، شمال السودان، غرب السودان وكل المكونات المجتمعية، حاضرين بقوة، ينسجون معًا لوحة وطنية زاهية، تؤكد أن مؤتمر البجا ليس مجرد تنظيم سياسي، بل روحٌ تسري في جسد الشرق، توحده وتلهمه.
في هذا اليوم، لم تكن كسلا تحتفل فقط بذكرى، بل كانت تُعلن أن النضال مستمر، وأن العطاء لا ينضب، وأن الأرض التي اهتزت تحت أقدام اهلها، ستظل شاهدة على عهدٍ جديد، يُكتب بالوحدة، ويُرسم بالأمل، ويؤكد أن هذا الوطن قوي لاتهزمه المؤامرات وقادر على مواجتها والانتصار لأهل الفاشر وكل السودان.