في أغسطس عام 2013، وبين جدران التاريخ العريق لقبيلة البطاحين، اجتمع الشيوخ والأعيان، واتفقوا بالإجماع على أن يحمل الشاب “محمد المنتصر” راية النظارة خلفاً لوالده الراحل الناظر “خالد محمد صديق طلحة”. لم يكن القرار مفاجئاً، بل كان امتداداً طبيعياً لمسيرة بيتٍ عُرف بالحكمة والقيادة، ولشخصٍ نهل من معين الأصالة ما يكفي ليكون خير خلف لخير سلف.
نشأ محمد المنتصر في بيت النظارة، حيث كانت الجدران تنطق بالحكمة، والمجالس تُعطرها رائحة الكرم، والقلوب تنبض بالتضحية. لم يكن مجرد وريثٍ لاسم، بل كان وريثاً لقيمٍ ومبادئ، حملها على كتفيه منذ اللحظة الأولى، وسار بها في دروبٍ لم تكن مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات والمسؤوليات.
مضي في مشوار القيادة بثقة المؤمن، مستنداً إلى إرثٍ اجتماعي وثقافي، وإلى دعمٍ من قبيلةٍ تشرّب منها الفراسة والشهامة والكرم. كان يدرك أن النظارة ليست منصباً، بل رسالة، وأن القيادة لا تُقاس بالسلطة، بل بالخدمة والتفاني.
ظل الناظر محمد المنتصر كشمعةٍ تحترق لتضيء الطريق للآخرين. لم يكن مجرد ناظرٍ إداري، بل كان قلباً نابضاً بالحب والعطاء، وبحراً من السخاء والمرؤة، وجبلاً شامخاً لا تهزه نائبات الدهر. كان عنواناً مضيئاً لمجتمعٍ اشتهر بمكارم الأخلاق، وبأدوارٍ وطنية لا تُنسى.
في كل مناسبة، وفي كل أزمة، كان حاضراً. لا يتأخر عن واجب، ولا يتردد في نصرة مظلوم، ولا يتوانى عن دعم المحتاج، صوته صوت الحكمة، وفعله فعل الكرام، وسيرته سيرة من لا يطلب جزاءً ولا شكوراً.
حين دقت طبول الحرب، لم يتراجع الناظر المنتصر، بل تقدم الصفوف، مدافعاً عن الأرض والعرض، مؤمناً بقضيته، ومنحازاً لوطنه، داعماً لقواته المسلحة التي يراها رمزاً لعزة البلاد وكرامتها، مواقفه ليس مجرد شعارات، بل أفعالاً تُكتب بماء الذهب في سجل الوطنية.
وبعد مرور ثلاثة عشر عاماً من الجهد والجهاد، فقد جعل من النظارة منبراً للخير، ومن القيادة جسراً للتعايش والتماسك.
نسأل الله له التوفيق والسداد، وأن يظل منارةً للحق، ورمزاً للوفاء، وعنواناً للبطاحين في حاضرهم ومستقبلهم.