كان إذا مرّ على الناس مرّ كالغيث لا يترك أرضًا إلا وأحياها،رجلٌ من طينة الكرماء، من نسلٍ عرف العطاء لا رياء فيه، والرحمة لا حدود لها..صديق عثمان البطحاني ، لم يكن مجرد اسم في دفتر الحياة، بل كان أثرًا طيبًا في قلوب من عرفوه، ويدًا حانية امتدت لكل محتاج، وصوتًا هادئًا يواسي المفجوع ويُسكن روع الخائف.
لم يكن المال عنده غاية، بل وسيلة للخير، أنفقه في صمت، لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، وكان يرى في كل يتيم ابنه، وفي كل جائع أخاه، وفي كل مكلوم قلبه.
في لحظة غدر، وعلى أرضٍ لم تعرف السكون، ارتقى الشهيد صديق عثمان الفكي وابنه، بمسيرة غادرة وجبانة بعد بابكر بشرق النيل، أطلقتها ايادٍ مرتجفة بمليشيا الدعم السريع، لم يكن استشهاده وابنه مجرد فقد بل جرح غائر في وجدان كل من يعرفه ، بكاه الرجال بدمعٍ ثخين، وارتفعت الأكف بالدعاء أن يتغمده الله وابنه بواسع رحمته.
ترك الشهيد خلفه سيرةً لا تُنسى، ومواقف تُروى، وقلوبًا تدعو له في كل حين. لم يكن بطلاً بالسلاح، بل كان بطلاً بالخلق، بالكرم، وبالإنسانية،عاش كريمًا، ومات شامخًا، وترك لنا درسًا في النُبل لا يُمحى.
إلى جنات الخلد
نم قرير العين يا صديق، ويا من رافقك في الشهادة من صلبك. الى جنات الخلد، يا من كنتم للناس دفئًا وأمانًا، ستظل ذكراكم منارةً في زمنٍ عزّ فيه النبلاء.